السلوك الإجرامي بين علم الأحياء و علم الاجتماع
لطالما كان سلوك المجرم تعبير قابل للدراسة و لطالما كانت فرضية تطور العقل الإجرامي قابلة للتغيير و لكن, من أين بدأ هذا النهج و كيف كان إصطلاح المجرم بحد ذاته. هل المجرم يولد و تبعث منه روح شريرة أم هي سلوكيات قابلة للتغيير؟
سيزار لومبروز
كان علم الإجرام في نهاية قرن التاسع عشر خاضع لكثير من الفرضيات و الاستنتاجات, منها من علماء البيولوجيا الذين فرضو بأنه المجرم يولد كمجرم من عوامل جينية كصديقنا الطبيب الإيطالي سيزار لومبروز, عندما استنتج في كتابه "الإنسان المجرم 1884” بأنه المجرم كائن مشوه عند الولادة و من الاستحالة أن يتم إصلاحه.
تفصلت أبحاث الإيطالي إلى دراسة 383 جمجمة مجرم وقد ألزم وجود قاسم مشترك حيث شكل الجبهة وشكل الجمجمة و ضخامة الفكين و عدم استقامة الأسنان و الأهم من كل هذا وجود تجويف خلف الجمجمة.
لخص سيزار فكرة بأنه الإنسان المجرم كائن شاذ و بسبب العوامل الوراثية أصبح كما هو و دعمت نظريته بشكل قاطع عندما استعان بأجسام مجرمين ارتكبو جرائم فظيعة, واحد من هؤلاء المجرمين كان قطاع طرق إيطالي يدعى فييلا, عندما تم تشريحه لاحظ وجود تلك العلامات التي تتميز بها الحيوانات المتوحشة و الإنسان البدائي ولاحظ التجويف الذي توجد خلف الجمجمة, مجرم اخر قام بقتل عشرون امرأة و شرب دمائهن, وجد لديه نفس تلك العلامات و هنا استطاع تمييز هؤلاء المجرمين بأنهم لا بد أن يرتكبوا الجريمة.
نقد أبحاث لومبروز
رغم انه أبرز العلماء الأحياء اتفقو مع أبحاث لزمبروز مثل هيوتن الذي قام بتطويره أكثر على عكس علماء النفس الذين اتفقوا بأنه توجد عوامل نفسية تلعب دور أكثر من العوامل النفسية, فإذا كان الإنسان يولد مجرم فإنه يوجد لديه خلل عقلي لا وراثي. و المشكلة كانت في أبحاث لومبروز بأنه أبحاثه اجرت فقط على المجرمين و تم التغاضي عن الغير مجرمين, و سرعان ما نال
التقدير الكافي لتمجد ابحاثه سرعان علماء الاجتماع و النفس عارضوا بحثه.
غابرييل تارد في السلوك الإجرامي
كان تارد من أوائل الذين عارضوا أبحاث سيزار رغم بأنه لم يكن عالم اجتماع بل قاضي في أحد المحاكم إلا بأنه كتبه كانت أقرب للتفسيرات علم الاجتماع النفسي و خاصة السلوك الإجرامي.
عرف تارد بأنه الواقعة الإجرامية ليست سوى نتائج من المحيط الاجتماعي, حيث استعان بأحد نظرياته "التقليد" و فسر بأنه تجدث بتأثير العادة والذاكرة واختلاط واتصال الأشخاص ببعضهم بعض وفق قوانين صارمة يخضعها أفراد المجتمع.
رفض تارد كل الأفكار الرجعية التي أطلقها سيزار و ميز المجرم بمحيطه الاجتماعي إذ الجريمة هي ردة فعل تعكس حياتنا الاجتماعية و النفسية وليست صورة عن شكل الجمجمة.
أيضا, يرى تارد بوجوب محاكمة المجرم وفقا على عمره و على حالة عقله أثناء وقوع الجريمة و أيضا وجوب مزاولة الاطباء النفسيين في قاعات المحاكم لأنه تختلف الجرائم من كل جريمة و ليست سوى ناتج عن الشر. كما يرى بأنه يجب تصنيف المجرمين في السجن إذ يرى بأن المجرم الحضاري ليس مثل المجرم الريفي و المجرم المبتدئ ليس مثل المجرم المحترف.
تطور السلوك الإجرامي دائما يعود إلى التطور الحضاري ففي الثورة الصناعية زادت سبل الجريمة و أيضا في الثورة الإلكترونية و شبكات التواصل شهدنا نوع جديد من الجرائم تهدد منظمات و حكومات و لكن غالبا التفسير للسلوك الإجرامي تعود إلى العوامل الاجتماعية و العوامل النفسية, أم فكرة الولادة كمجرم فكرة ضعيفة في زمننا الحالي.
Comments